لا يوجد شيء أسوأ من تصفح الإنترنت بسرعة إنترنت بطيئة أو اتصال غير مستقر. جميعنا نتطلع دائمًا لتصفح الويب أو ممارسة الألعاب الشبكية أو بث مقاطع الفيديو عبر الإنترنت بسرعات عالية. ولكن هل تساءلت يومًا ما هو الشيء الذي يجعل الإنترنت سريعًا أو بطيئًا؟ إنه يا صديقي العزيز مفهوم “زمن الاستجابة” أو “Latency” ولكن ما هو زمن الاستجابة في الانترنت وأهميته في سلاسة الاتصال ولماذا يعد أكثر أهمية من عرض النطاق الترددي في معظم الأحيان، فهذا ما سنوضحه بالتفصيل من خلال هذا المقال.
زمن الاستجابة في الانترنت
قد تسمع مسميات مختلفة لزمن الاستجابة مثل زمن الكمون أو معدل نقل الإشارة أو سرعة نقل البيانات أو حتى البينج/البينق “Ping” ولكن جميعها مسميات تشير إلى نفس المفهوم. ولكن إلى ماذا يشير تحديدًا زمن الاستجابة في الانترنت؟ يشير زمن الاستجابة إلى الوقت الذي تستغرقه حزمة من البيانات للانتقال من نقطة إلى نقطة أخرى داخل شبكة الإنترنت عبر مجموعة متعددة من الأجهزة المتصلة.
جميع الأجهزة التي نستخدمها في حياتنا اليومية هي جزءًا من شبكة الإنترنت، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والحواسيب اللوحية وأجهزة الراوتر، عندما تتصل هذه الأجهزة بالإنترنت، فهي تبدأ في إرسال وتبادل البيانات والمعلومات مع خوادم بعيدة موجودة بداخل الشبكة. ولكن ما الذي يجعل زمن الاستجابة في الانترنت هو العامل الأكثر أهمية للحصول على إنترنت موثوق.
■ ما هو زمن الاستجابة في الانترنت
يتم قياس زمن الاستجابة في الانترنت بوحدة المللي ثانية، وكل مللي ثانية يصنع فرق كبير جدًا في تحسين تجربة الاتصال بالإنترنت. لتوضيح زمن الاستجابة في الانترنت، دعونا نطرح مثل بسيط. تخيل أنك تحاول ممارسة لعبة عبر الإنترنت، فعندما تحاول النقر فوق زر معين في وحدة التحكم أو إحدى مفاتيح الكيبورد، فأنت حينها تطلب أمر معين وتنتظر تنفيذه، فإذا كان زمن الاستجابة منخفض للغاية، وليكن 40 مللي ثانية، فسيتم تنفيذ الأمر في الحال بمجرد النقر فوق الزر.
ولكن إذا كان زمن الاستجابة مرتفع جدًا، وليكن 400 مللي ثانية، فستلاحظ أن شخصية اللاعب في هذه اللعبة يتأخر في تنفيذ الأمر المطلوب منه. التأخير الزمني الطويل في زمن الاستجابة في الانترنت له أثار سلبية جدًا على تجربة الاتصال، وخاصة أثناء ممارسة الألعاب الشبكية وبث الفيديو.
لذلك، أنت تحتاج دائمًا إلى زمن استجابة “منخفض جدًا” / “سريع جدًا” لخوض تجربة لعب عبر الإنترنت تشبه تمامًا نفس التجربة التي تخوضها لو كنت تمارس لعبة موجودة بالفعل على جهاز الكمبيوتر ولا تتطلب اتصالًا بالإنترنت. عندما يكون زمن الاستجابة في الانترنت مرتفع للغاية، مثل 300 أو 400 مللي ثانية، فستلاحظ أن شخصية اللاعب تتأخر لفترة زمنية طويلة من أجل الاستجابة للأوامر التي تطلب تنفيذها داخل اللعبة.
إنها تجربة محبطة جدًا في معظم الألعاب وخاصة الألعاب سريعة الخطى مثل ألعاب الحروب ومنظور الشخص الأول التي تعتبر كل مللي ثانية فيها على قدر كبير من الأهمية. أحيانًا تشعر وكأن شخصية اللاعب تعيش بداخل كابوس بسبب حركته البطيئة، أو قد تلاحظ ظهور أخطاء رسومية في الصورة وظهور رسومات اللعبة بطريقة غريبة وغير مفهومة وحركات شاذة في طريقة اللعب والحركة وتحميل الصور وعناصر اللعبة.
زمن الاستجابة في الانترنت ليس ضروريًا للألعاب الجماعية فحسب، وإنما ضروري أيضًا لمكالمات الفيديو ومؤتمرات الانترنت. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تستخدم برنامج مثل سكايب أو زووم، فإن زمن الاستجابة هو الفترة الزمنية التي يستغرقها صوتك قبل أن ينتقل إلى سماعة الطرف الآخر من المكالمة. كلما كان زمن الاستجابة مرتفعًا، كلما تأخر صوتك وصورتك في الانتقال إلى الطرف الآخر، والعكس صحيح.
بمعنى أنه في حال كان لديك زمن استجابة منخفض، فإن جميع محادثاتك ستنتقل بسلاسة تامة إلى الطرف الآخر وبمجرد خروج المحادثات من فمك. أما إذا كان زمن الاستجابة مرتفع للغاية، فمن الممكن أن تخوض تجربة تواصل محبطة ومحرجة للغاية لأنه من الممكن أن يتم فقدان جزء كبير من المحادثة وتفككها وعدم وصولها بشكل صحيح بين طرفي المحادثة.
■ ما هو المعدل الإيجابي لزمن الاستجابة
بسبب الأهمية القصوى التي يفرضها زمن الاستجابة في الانترنت، فأنت تحتاج دائمًا إلى أن يكون لديك زمن استجابة منخفض للغاية. وفقًا لبعض المواقع الموثوقة، فإن زمن الاستجابة الذي يتراوح من 50 وحتى 100 مللي ثانية هو زمن استجابة جيد جدًا. ولكن بمجرد ارتفاع زمن الاستجابة عن 150 مللي ثانية، فمن الممكن أن تبدأ في ملاحظة بعض المشاكل أثناء ممارسة الألعاب الشبكية أو إجراء مكالمات الفيديو. أسوأ زمن استجابة على الإطلاق هو عندما يرتفع هذا الزمن إلى أكثر من 400 مللي ثانية وحينها لن تتمكن من متابعة الألعاب الجماعية أو إجراء المكالمات المرئية بطريقة طبيعية.
■ ما هي العوامل التي تؤثر في زمن الاستجابة
هناك بعض العوامل التي قد تؤثر على زمن الاستجابة في الانترنت لديك، لسوء الحظ معظمها قد يكون خارج عن نطاق سيطرتك، ولكن لا يزال بإمكانك تقليل زمن الاستجابة بعدة أشكال مختلفة.
- بعدك عن الخادم: ابتعادك عن أقرب خادم لك، قد يتسبب في ارتفاع زمن الاستجابة وتأخير نقل البيانات بينك وبين الخادم. لذلك، يُستحسن دائمًا أن تحاول الاتصال بأقرب خادم لك إذا كنت تعتمد على برنامج VPN أو تحاول ممارسة بعض الألعاب الجماعية عبر الإنترنت.
- نوع الاتصال: تعتبر كابلات الألياف الضوئية هي الأسرع والأكثر موثوقة في توفير اتصال ثابت بالإنترنت. أما بالنسبة للاتصال اللاسلكية، سواء البيانات أو الواي فاي، فهي مُعرضة للتأثر بعوامل مختلفة. فإذا كنت تريد أفضل اتصال، يجب أن تعتمد على الاتصال السلكي.
- جودة شبكة الواي فاي وقربك من مصدر الإشارة: إذا كانت إشارة الواي فاي لديك غير مستقرة، أو كنت تحاول تشغيل الألعاب من غرفة بعيدة عن مكان وجود الراوتر، فمن الممكن أن تواجه أشكال مختلفة من مشاكل عدم استقرار الإنترنت وارتفاع زمن الاستجابة في الانترنت لنسب لا يُمكن تقبلها.
- أداء الراوتر: إذا كان لديك جهاز راوتر قديم للغاية أو ضعيف من حيث الجودة، فمن المتوقع أن تواجه معه العديد من المشاكل. بجانب مشكلة تقطع الإشارة وهبوط سرعة الإنترنت، فسوف تعاني أيضًا مع زمن الاستجابة لأن أجهزة الراوتر القديمة غير مؤهلة للاستفادة من سرعات ومعايير الاتصالات الأسرع الحديثة.
اقرأ أيضًا: كل ما يلزمك معرفته عن معيار WiFi 7 ومتى يحين وقت الترقية
■ ما الذي يمكنك فعله لتحسين زمن الاستجابة
كما أشرنا منذ قليل، بعض العوامل التي تؤثر سلبًا على زمن الاستجابة في الانترنت قد تكون خارجة عن إرادتك لأنها ترجع إلى مدى كفاءة أجهزة مزود خدمة الاتصالات الذي تتعاقد معه. في معظم بلدان العالم الثالث النامية، لا تنتظر اتصال فائق السرعة أو زمن استجابة فوري بسبب المعدات والأجهزة القديمة والبنية التحتية المتهالكة لأجهزة الاتصالات. ولكن لا يزال بإمكانك تجربة بعض الحلول لتحسين زمن الاستجابة في الانترنت باتباع الخطوات التالية:
- الاعتماد على الاتصال السلكي عن طريق كابل الإيثرنت بدلاً من اتصال الواي فاي.
- الاقتراب قدر المستطاع من الراوتر أو تعزيز أداء الشبكة بالاعتماد على موسعات نطاق الواي فاي.
- استخدام إحدى الخوادم القريبة من دولتك.
- تجنب اللعب في أوقات الذروة التي تتعرض فيها خوادم مزود الخدمة للضغط الشديد.
- تأكد من تحديث أجهزتك (الراوتر والمتصفح) وتحديد برامج التشغيل.
- مسح بيانات ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح.
■ لماذا يعد زمن الاستجابة في الانترنت أكثر أهمية
يعد زمن الاستجابة في الانترنت أكثر أهمية من معدل نطاق الترددي لأنه حتى وإن كانت شبكة الإنترنت لديك تتمتع بسرعات عالية، فقد لا تستفيد منها في الألعاب أو مكالمات الفيديو أو بث الفيديو عبر الإنترنت إذا ما كان اتصال الإنترنت لديد يعاني من زمن استجابة مرتفع. بالنسبة للألعاب الجماعية، فأنت لا تحتاج سوى سرعة 4 ميجابت في الثانية، بالنسبة لمكالمات الفيديو، فقد تحتاج إلى سرعة 6 ميجابت في الثانية، أما من أجل بث الفيديو بدقة 4K، فستحتاج إلى سرعة 25 ميجابت في الثانية. ولكن حتى وإذا افترضنا أن لديك سرعة 100 ميجابت في الثانية، فهي ليست ذات قيمة إذا كان زمن الاستجابة لديك مرتفع للغاية.
الخاتمة
في الوقت الحالي، جميع مزودي خدمات الإنترنت في الدول العربية طرحوا العديد من الخطط الشهرية فائقة السرعة والتي قد تصل أحيانًا إلى أكثر من 100 ميجابت في الثانية. ولكن في الواقع، هذه السرعة الجنوبية ليست ذات أهمية كبيرة طالما لم يتم تحديث أجهزة وخطوط ومعدات الشبكة. يعد زمن الاستجابة في الانترنت أكثر أهمية من سرعة النطاق الترددي، على الرغم من أنك ما زلت تحتاج إلى كلاهما بمعدلات نموذجية للاستمتاع بتجربة اتصال موثوقة.
اقرأ المزيد: افضل مقوي اشارة واي فاي خارج المنزل يتحمل جميع الأجواء القاسية
***************************