ليس هناك شك أن الانترنت الذي نستخدمه اليوم قد تغير عما كان عليه منذ خمس أو عشر سنوات. وتعد نظرية الانترنت الميت إحدى أكثر نظريات المؤامرة جدلاً وإثارة للدهشة. تشير نظرية الانترنت الميت إلى أن معظم، وليس كل، ما نراه على الإنترنت، هو في الواقع عبارة عن محتوى مُزيف، يتم توليده بواسطة خوارزميات الذكاء الاصطناعي، للتحكم في عقول الأقلية المتبقية من الأشخاص الذين لا يزالون يعتبرون الإنترنت ملاذاً آمنًا كمصدر للحصول على المعلومات.
نظرية الانترنت الميت
لم يتم تقديم أي براهين أو أدلة قاطعة تثبت صحة نظرية الانترنت الميت حتى الآن، ولكنها في الواقع مجرد فرضية تم إثارتها بواسطة البعض، والتي تلمّح إلى أن معظم الأشخاص الذين نراهم على مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي هم في الأساس عبارة عن روبوتات آلية، مثل الدُمى، يتم التحكم بهم عن طريق برامج الذكاء الاصطناعي وخوارزميات آلية، بهدف السيطرة على عقول ما تبقى من الأشخاص الحقيقيين الذين لا يزالون يعتمدون على الانترنت، وأن الإنترنت الحقيقي الذي نعرفه، والذي كان يتم استخدامه بواسطة البشر فقط، قد مات منذ قرابة 5 أو 6 سنوات، في الفترة ما بين عامي 2017 و 2018، الوقت الذي يتزامن مع بداية عصر أدوات وبرامج الذكاء الاصطناعي.
قد يهمك: كيفية الدخول الى الانترنت المظلم .. عُمق غامض تستفحل فيه الأنشطة الإجرامية
نظرية الانترنت الميت، حتى وإن كانت مجرد خدعة، ولكنها تعكس حقيقة مدى شراسة عمالقة التكنولوجيا والمُعلنين للسيطرة على عقول مستخدمي الانترنت والشبكة العنكبوتية للتأثير عليهم في اتخاذ قراراتهم والحصول على المعلومات التي تتعلق بالقضايا السياسة والأمنية والطبية بالطريقة التي ترغب بها حفنة معينة من الجهات والمؤسسات الأمريكية الخبيثة، حتى وإن كانت هذه المعلومات خاطئة ومضللة.
■ هل يُعقل أن يكون هذا حقيقي؟
بالنظر إلى الانترنت أصبح المكان الأول لدى عدد كبير من المستخدمين في الوصول إلى المعلومات وشراء المنتجات، فليس من المستغرب أن يتم ميلاد نظرية مؤامرة مثل نظرية الانترنت الميت. طالما كان هذا المكان هو السبيل الأكبر والوحيد لبيع السلع والترويج للمنتجات، فلماذا لا يتم استخدامه من أجل تحقيق المزيد من الأرباح حتى وإن كانت بطريقة مزيفة. هذه هي نواة فكرة نظرية الانترنت الميت. والسبب الرئيسي وراء انتشار هذه النظرية وظهورها بين الفنية والأخرى على بعض مواقع الانترنت.
إذا عدنا بالزمن قليلاً إلى الوراء وقمنا بطرح فكرة نظرية الانترنت الميت لكان من السهل السخرية منها وعدم تصديقها، لأنه في ذلك الوقت، لم يكن من السهل على الآلات محاكاة الذكاء البشري والطريقة التي يتفاعل بها الأشخاص مع بعضهم بعضًا. ولكن الآن، وبعد أن أصبح الذكاء الاصطناعي يتمتع بإمكانات لا حدود لها ويشكل تهديدًا خطيرًا على حياة البشر وقوت يومهم، فلم يعد من الصعب تصديق أي شيء. ولعل أقرب دليل على ذلك مقاطع الفيديو المزيفة التي تعتمد على تقنية التزييف العميق “Deep Fake” لتقليد المشاهير من الممثلين والفنانين ومحاكاتهم على منصات التواصل الاجتماعي والتي كانت سببًا في إزعاجهم.
في الواقع، توليد صورة لوجه إنسان من وحي الخيال والتحدث بنفس الطريقة التي يتحدث بها البشر أصبح أمرًا في غاية السهولة على برامج الذكاء الاصطناعي. إنها في الواقع إحدى الطرق التي تستخدمها بعض الشركات لخداع الغالبية العظمى من الاشخاص. وبالتالي، حتى وإن كانت نظرية الانترنت الميت كاذبة أو غير حقيقية، ولكن على الأقل، فإن جزءًا منها صحيح بنسبة 100% لأن هناك بالفعل روبوتات آلية تتحدث وتتفاعل مثل البشر على الإنترنت. ومع تقدم هذه التقنيات بمرور الوقت، ستزداد خطورتها وتستفحل مساوئها.
لقد روى بعض الأشخاص تجاربهم وقدموا بعض الأدلة والبراهين التي تثبت حجتهم بأن نظرية الانترنت الميت هي بالفعل نظرية صادقة وليست مجرد خدعة. قال بعضهم أنهم غالبًا ما يستمروا في رؤية نفس الردود ونفس التفاعلات على عدد كبير من مقاطع الفيديو المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي. وربما رأينا بأنفسنا كيف تستطيع الروبوتات التلاعب بالرأي العام على منصات التواصل الاجتماعي. ولقد نشرت شركة Cheq للأمن السيبراني تقرير لها تحدثت فيه عن أن العدد الإجمالي للروبوتات على منصة X يصل إلى 12% تقريبًا من إجمالي المستخدمين على المنصة، ولا تزال هذه النسبة تمنو بمرور كل يوم.
اقرأ أيضًا: ما هي أشهر أجهزة انترنت الأشياء IoT لعام 2024
■ لماذا يجب أن نقلق؟
حتى وإن كان جزء بسيط من نظيرة الانترنت الميت صحيحًا، فلا يزال هذا يعني خطرًا كبيرًا على تاريخ الإنسانية. في يومنا هذا، يستطيع الذكاء الاصطناعي والأشكال المستقلة الأخرى من البرامج الآلية محاكاة الطريقة التي يتعامل ويتفاعل بها البشر مع بعضهم البعض، وربما يكون لهذا الأمر عواقب وخيمة على وخطيرة على مستقبل البشر، إذا افترضنا أن هذا الأمر أخذ في الزيادة كل يوم. فإن قدرة تأثير أشخاص غير حقيقيين على أناس حقيقيين والاستيلاء على أفكارهم وتحويل ميولهم الفكرية والعاطفية قد يكون له عواقب وخيمة وسببًا لتحويل مسار البشرية إلى اتجاه مختلف عبر التاريخ.
في الوقت الحالي، لا يتم النظر إلى نظرية الانترنت الميت بأي قدر من الاهتمام نظرًا لأن هدف كبرى الشركات هو عكس ما تثيره هذه النظرية من قلق. تحاول جميع الشركات تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في أجهزتها وخدماتها لهدف أساسي واحد وهو تحقيق المزيد من الأرباح، مُدّعية بأنها من أجل خدمة الإنسان والبشرية. لا تتعجب إذا سمعت من إحدى الأشخاص أنه سيكون هناك للروبوتات الآلية منازل مستقلة خاصة بهم في المستقبل، وسوف يتمكنون من تنفيذ المهام وفقًا لرغباتهم ودون الحاجة إلى برمجة آلية معينة.
الخاتمة
يعتقد البعض أن نظرية الانترنت الميت ما هي إلا سخافة وترهات باطلة، ولكن ماذا لو كنا مخطئين؟ إن المخاطر التي تثيرها هذه النظرية تجعلنا متخوفين من قول أو فعل أي شيء بحرية من الآن فصاعدا على الإنترنت. من حسن الحظ، لا يوجد دليل واحد منطقي يثبت صحة هذه النظرية حتى الآن، على الرغم من أننا على يقين بأن جزءًا منها صحيحًا. فتحاول جميع الشركات تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي والاعتماد على الروبوتات الآلية بدلاً من البشر لتقليل النفقات وتعزيز الأرباح. ولكن حتى وإن كانت مجرد خدعة، ولكن حتمًا ستكون هناك صورة شبيهة لها في المستقل القريب والتي سيتعين علينا التعايش معها وتقبلها.
اقرأ المزيد: كيفية تفعيل خاصية جدار الحماية في الراوتر ولماذا يجب أن تهتم
**********************